الحاجة إلى الخوف
القراء التحليلية لدؤلف  قراءة ثانية لشعرنا القديم
 
الحاجة إلى الخوف اختيار من الناقد ليبرز من خلاله خوف الإنسان الجاهلي، وقلقه ‫المستمر من مصيره وكيانه، ىذا اخلوف ال ديكن أن يصدر إال عن وعي ثاقب نافذ، وىو ‫و ‫الشيء الذي تنبأ لو الناقد مصطفى ناصف وحاول أن يدلل عليو، فكان أن انطلق من ‫قصيدة النابغة الذبياين اليت يقول يف مطلعها: ‫يا دار ميَّة بالعلياء فالسنَد أقْوت وطال عليها سالِف األبد ‫ُ ‫َّ ِ َ ْ ‫ِ2 ‫وقفف فيها أأيالأُسااِلُهااعيّف جواباًا وما باللبب من أأد ‫َّ ِ ‫َ ْ ‫ُ ‫1 ‫يف حتليليو دلعلقة النابغة ىذه يكشف عن وجو آخر من وجوه عالقة الشاعر بالوجود ‫وباجملتمع الذي حيتضنو، فهو يكشف عن شعورين متناقضني: ‫األول: شعور بالرغبة يف االنفراد والوحشة. ‫الثاين: شعور مبا يتعهد جمتمعو من خطر كبري يتهدد البقاء، يفصح النابغة عن قدرة ‫خارقة يف حدس الشر الذي كان يتعهد ويهدد اجملتمع العريب آنذاك. ‫فإذا كان الشاعر مياال للوحشة واالنفراد فألن اجملتمع حتول إىل" عقبة في سبيل الوأشة ‫الضلورية التي تؤدي إلى تنبيو الذات لكل ما لها من قدرات... "3، وحشة تقدم لو معرفة ما خيبئو ‫الغيب للمجتمع، أما االنفراد ىو أمسى حاالت وعي النابغة مبا يصف الوجود العريب من ‫شعور بادلخاطر والشر احملدق، والشاعر وحده ىو القادر على صيانتو من جمتمع خرب ‫4 ‫بل" إن أياة المجتمب العلبي معلضة للشلا وىي اآلن أشبو ما تكون باألواري الذابلة والنؤي الذي ال يمنب ‫5 ‫السيلا والسجفين اللذين فقدا مالهما من شأن. ىذه ىي الوظااف المعطلة إن أعجبك ىذا التعبيل- ومن ‫ثم فإن السيل الغامض خليق بأن يأتي على الحياة. لقد تتبعنا فيما مضى أأالم النبوءات الغامضة أو غيل ‫الغامضة ا ولكن من المهم قبل أن نختم ىذه الصحف أن نشيل إلى الجانب الثاني من الصورة ‫1- أقىث:خلج من أهلهب.األبد:الدهر. ‫2-أصُال:وفٍ رواَت طىَلت. ‫3- مصطفً نبصف" قراءة ثبنُت لشعرنب القدَم" ص: 671 . ‫4- النُّؤٌ : مجرً ي َحفر حىل الخُمت أو الخببء ََقُهب السُْل . والجمع : ن ُ ‫ئٍِ . ‫ْ ُ ‫ٌّ ‫َّ َ ‫ِ ‫5- السَّجْ فُ : الس ْراا الْمقْرُونَبا بَُْنَهُمب فُرْ َ .ٌة ‫ت ‫َ ‫ِّ َ ِ َ ‫افاآلمال
2. واللؤى الطيبة ال تعيش وأدىاا وىناك دااما جدل وألاع بين بواعث التقدم وبواعث التقهقل. وال يمكن ‫أن تبحث شؤون الثقافة بمعزل عن ألكة األضداد"6. ‫وتتخذ احليوانات يف الشعر اجلاىلي أبعادا إنسانية وصراعية حتيل على احلرب ‫والتطهري. فقصة الثور والكالب " أعانف المجتمب من أيث ال يدري على أن يشبب بعض أاجاتو ‫العاطفية من الحلب بطليقة خيالية وىمية. وال شك أيضا في أن قصة الثور والكالب كانف ىي الدرس األول الذي علم المجتمب الجاىلي كيف يشك في فلسفة الحلب المتداولة"7. ‫كما تشري قصيدة النابغة الذبياين إىل "نزوع واضح إلى عالم بعيد عن المنطق والمعقولية ‫واإلنسان. واإلنسان ال يتمتب في مثل ىذا النزوع بكمال إنسانيتو على نحو ما يتبادر إلينا اآلن. ولكن ‫الشاعل ىو الذي استطاع أن يهب المجتمب الجاىلي مثل ىذا التحذيل الغامض. أذار من أورة النعمان. ‫أذار من العدوان على فكلة اإلنسان. أذار من اللبس بين فكلة الفضيلة وطبااب الشيطان. أذار من عالم ‫ال يعلف الخوف أو اليلى للخوف مكانا في نظام الحياة"8. ‫وىكذا يتبني لنا أن الدكتور مصطفى ناصف تعامل مع الشعر اجلاىلي من زاوية ‫أنرتوبولوجية أسطورية، إذ نظر إىل جمموعة من مكونات الشعر اجلاىلي كرموز ومتعاليات ‫مجاعية كة مرتسبة يف ذاكرة اإلنسان العريب خ جملتمعو وحضارتو ، وتعرب عن ماضيو ‫تؤر ‫مشرت ‫وحاضره ومستقبلو بكل أتراحو وأفراحو. ومن مث، يقدم لنا الدارس الشعر اجلاىلي ال ‫كموصوفات حسية ودوال سطحية ساذجة بل كرموز جمردة عميقة بعيدة عن الظاىر تتوغل ‫يف العقل الباطن والالشعور اجلمعي من خالل استقراء ماىو روحي ، وديين ، وطقوسي ، ‫وشعائري

Post a Comment

Previous Post Next Post