حدود التفكر: يقول تعالى قي سورة آل عمران: { إِنَّ فِي خَلْقِ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي
الألْبَابِ{190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ
جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا
خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {191} ، فالله تعالى
دعا المومنين إلى التفكر والتأمل. في مخلوقاته، وحثهم على المواظبة عليه . وبينت
لنا السنة النبوية المجالات التي يجب أن نعمل الفكر فيها، قال صلى الله عليه وسلم
" تفكروا في آلاء الله ولا
تفكروا في ذاته،
فإنكم لن تقدروا" لأن التفكر في نعم الله هو شرط معرفة الله
ومحبته، أما التفكر في ذاته فهو فوق طاقة الإنسان .
* شروط مساعدة على التفكر: ينبغي
للمسلم أن لا نكون نظرته عادية، نظرة
سطحية لظواهر الأشياء، بل نظرة عبادة نظرة عميقة تحمله من الظاهر المشهود إلى الباطن
المحجوب ، ومن معرفة المخلوق على معرفة الخالق سبحانه الذي خلق الكائنات وأبدع
النظام الذي تسير عليه ، يقول تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً
مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى
مِن فُطُورٍ } لملك3 ويقول أيظا: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ
وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عِلْماً } الطلاق12 . ولكي يبلغ
المؤمن هذه النظرة يحتاج إلى مجموعة من
الشروط أهمها: - التقوى وترك الفضول
والقول. -
المداومة على تدبر القرآن الكريم. - المداومة على الاعتبار وتذكر منازل
الآخرة. - المداومة على إعمال العقل والتأمل.- طلب العلم وإعمال النظر فيه وتعليمه
للناس.
* فوائد التفكر: التفكر في نظام
الكون وأجزائه يورث فوائد كثيرة منها:
- الاتصال الدائم بالله تعالى: لأن
التفكر عبادة لله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله، يورث الخشية والخشوع ودوام التوجه
إليه.
- تكثير العلم واستجلاب المعرفة:
العلم هو الثمرة الخاصة للتفكر، وإذا حصل العلم في القلب تغير حال القلب، وإذا
تغير حال القلب تغيرت أعمال الجوارح إلى الأحسن والأفضل.
- ترسيخ الإيمان وتنميته إلى درجة
اليقين: التفكر في خلق الله، ودراسة الظواهر المختلفة، يرسخ الإيمان ويبلغ به درجة
اليقين .
- مخافة الله والشعور برقابته:
عندما يشعر الإنسان بمخافة الله ، ويحس بدوام وجوده معه، فهذا يبعده عن المعصية ،
ويصرفه عن السقوط في الجريمة والفساد{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ
يَعْلَمُونَ }آل عمران- محبة الله تعالى: فأصل المعرفة التفكر، وثمرة المعرفة
المحبة، والمحبة غاية كل مؤمن صادق. ومحبة الله تحصل من التفكر في النعم لأن النفس
مجبولة على محبة من أحسن إليها، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي
لحبي).
إرسال تعليق