المنهج الاستقرائي:
هو
أول هذه المناهج ومفهومه ورد بشأنه عدد من المفاهيم من
أهمها
ما ذكره الدكتور عبدالرحمن بدوي صاحب كتاب "مناهج البحث العلمي" وهو احد المراجع المقررة لنا حين قال أن المنهج الاستقرائي هو:
"تعميم من حالات جزئية تتصف بصفة
مشتركة".
وذلك
أن الباحث يراقب الأشياء المتشابهة في مجال بحثه أو
تخصصه
في قضية من القضايا فكلما وجد شبيها بتلك الحالة بحث عن غيره حتى يتأكد أن نظام وترتيب هذه الجزيئات أو هذه الحالات متطابق حتى يبني على ذلك اتخاذ
قاعدة تتعلق
بهذه
الجزيئات أو هذه الحالات المتكررة، هذه القاعدة تحكم هذا التكرار لتلك الجزئيات فتكون بمثابة الأصل
أو القاعدة التي
يُبنى
عليها في المنهج الاستقرائي.
يتم
البدء بالجزئيات دراسة واستقصاء لنصل منها إلى قوانين عامة، وهذا المنهج يعتمد على التحقق بالملاحظة المنظمة المرتبة التي وفق جدول
علمي منهجي
صحيح
بملاحظة منظمة خاضعة للتجريب وخاضعة للتحكم في متغيراتها بحيث انك أنت أيها الباحث تتأكد كلما غيرت المتغيرات أن طبيعة هذه الجزئية لا
تتغير أو أنها تتغير إذا غيرت في
المتغيرات
التي تطرأ عليها سواء
بإضافة
متغير أو بحذفه أو بتعديله.
إذا
فالباحث يبدأ بالجزئيات ليستمد منها القوانين ويبني عليها القواعد.
هذا
هو تقريبا المفهوم العام للمنهج الاستقرائي.
مجالات
تطبيق المنهج الاستقرائي:
وهذه
المجالات يجب أن يكون لديك دراية بها لتعرف متى سيكون هذا النوع مناسب لدراسة
بعينها في مجال الدعوة أو في مجال الاحتساب.
المنهج الاستقرائي
مطبق في العلوم والمعارف كافة، وهو من أشمل المناهج في مجالات
تطبيقه،
فهو يطبق في مجال الطب وفي علم الكيمياء والفيزياء وفي اللغة، كما يطبق في إثبات وجود الله سبحانه وتعالى، وهذا ميدان مهم من ميادين الدعوة
والدعاة، يطبق أيضا في مجال الفقه وأصول الفقه ويطبق في مجال النظريات الإسلامية مثل الاقتصاد والاجتماع، ولذلك فإن لهذا المنهج مساهمه قوية في
بناء وتكوين
النظريات
الاسلامية التي يستنبطها العلماء
والباحثون
كل في مجاله.
والعمل
العلمي المنهجي
يبدأ
أولاً بالاستقراء،
فيحصل
الباحث على قاعدة عامة وقانون كلي نتيجة لمتابعة حالات
وجزئيات
عديدة، ولذلك كلما كنت بين يدي دراسة أو مشكله تسعى إلى حلها في مجال
الدعوة
أو الحسبة فاستحضر دائما المنهج الاستقرائي، فإنك في الغالب لن تستغني عنه في كل أو بعض
مراحل دراستك أو بحثك.
مراحل تطبيق المنهج الاستقرائي:
الباحث
حين يطبق هذا المنهج يمر بثلاث مراحل بحثية:
المرحلة
الأولى: مرحلة
البحث
ويستخدم
الباحث فيها الملاحظة والتجربة للوقوف على مابين الأشياء من أوجه شبه أو
اختلاف، وتكون الملاحظة بحس الباحث حتى يرى الأشياء التي يعتقد أن لها صله بمجال بحثه حول تلك الظاهرة، ولايكتفي في هذه
المرحلة بالملاحظة فقط وإنما
يستخدم
التجربة، والتجربة هي:
إجراء شيء من العمليات أو الممارسات مع أفراد عينة البحث ليرى اثر هذه التجربة عليهم
وردة فعلهم، فيستخلص
من ردة الفعل أو الأثر المترتب لتلك التجربة السلوك
الذي
هو يمثل جزئية قد تتكرر او لاتتكرر،
فإن تكررت مع كل تجربة مع كل الأفراد، فسينظر إلى أن
هذه الجزئية ستؤدي إلى قاعدة أو أصل وفق المنهج الاستقرائي كما بينا في مفهومه.
المرحة
الثانية: مرحلة الاختراع
أو
الاكتشاف، إما أنه يخترع قاعدة لم تكن موجودة أو نظرية أو حقيقة لم تكن بين يدي الناس، أو انه يكتشف شيئا يتعلق بتلك
الظاهرة هو موجود لكنه لم ينتبه
إليه
المعنيون بتلك الظاهرة، هذه
المرحلة
هي مرحلة وضع الفروض التفسيرية التي توضح العلاقة بين الظواهر المشاهَدة التي
أجريت عليها التجارب، نحن قلنا أن هناك سلوك أو نمط يتردد ويتكرر في أوساط عينة البحث وهذا السلوك يرتبط بمتغير أو بممارسة يباشرها الداعية
والباحث مع أفراد العينة، ليتوصل الباحث في نهاية المطاف إلى حقيقة مؤداها أن هذا السلوك
كلما حصل فإن هذا الأثر يترتب عليه هذا السلوك، كلما وقع على المخاطب أو على المبحوث فإن الأثر المتوقع الذي سينتج أو
ردة الفعل التي
ستصدر
منه هي هي لن
تتغير، فيبدأ بمراقبة الجزئيات جزئية جزئية من خلال تكرر هذا الأثر أو عدم
تكرره فإذا تكرر وانتظم في
تكراره
ولم يحصل شذوذ في حصوله، قرر
حينئذ
أن هذا الفرض ارتقى إلى رتبة الحقيقة وصار نتيجة جيده من نتائج البحث العلمي الذي
توصل إليها الباحث العلمي بواسطة المنهج الاستقرائي.
المرحلة الثالثة: مرحلة البرهان وهي مرحلة تحقق
الفروض من خلال الرجوع للواقع، وربما أن المرحلة الثانية فيها تحقق
أولي للبرهان من واقع مجتمع البحث، لكن لكي يصل الباحث إلى رتبة أو منزلة البرهان في تحقيق هذا
الأصل أو القاعدة
المستمد من مراقبة تلك الجزئيات، ينظر إلى هذه المسألة في المجتمع إجمالا ويراقبها ليتأكد أن هذه الجزئية كلما حصل عليها هذا الأثر ترتب
عليها ردة الفعل
أو النتيجة أو الأثر الذي قررته أو قرره المنهج الاستقرائي في المرحلة الثانية، فيصير قاعدة عامة، وتكون بمثابة
البرهان أو الدليل القطعي الذي
يعتمد عليه في عمل الدعوة وعمل الدعاة،بحيث تكون كالقاعدة الدعوية التي يستفيد منها جميع
الدعاة.
Post a Comment