تعليم الرسول للناس  بالحوار والمساءلة

وكان من أبرز أساليبه(ص) في التعليم الحوار والمساءلة لإثارة انتباه السامعين وتشويق نفوسهم إلى الجواب, وحضهم على إعمال الفكر للجواب, ليكون جواب النبي   - إذا لم يستطيعوا الجواب- أقرب إلى الفهم وأوقع في النفس.

ومن الشواهد على ذلك  وهي كثيرة :
ما رواه مسلم170:5 عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:" قال رسول الله  : أرأيتم لو أن نهراً باب أحدكم , يغتسل منه كل يوم خمس مرات, هل يبقى من درنه شيء قالوا: لا يا يبقى من درنه شيء , قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوا الله بهن الخطايا".

وروى الإمام أحمد في مسنده 206:1 عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت  رسول الله يقول: "تدرون من المسلم؟ قالوا:الله ورسوله أعلم, قال: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. قال: تدرون من المؤمن؟ قالوا: ألله ورسوله أعلم قال : من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم , والمهاجر من هجر السوء فاجتنبه"

ومن أشهر أمثلة الحوار حديث جبريل في تعليم أركان الإيمان الذي رواه عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة فقد عرض أهم أركان الإيمان على الصحابة على شكل حوار بين الرسول وبين  جبريل عليهما الصلاة والسلام, ليعلمهم معالم دينهم.
روى مسلم:157-160 وغيره من الأئمة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:" بينما نحن عند رسول الله   ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه, وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله   الإسلام أن تشهد أن لا اله إلا الله وان محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً.
قال: صدقت.
قال:-عمر- فعجبنا له يسأله ويصدقه.
قال: فأخبرني عن الإيمان.
قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم  الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره.
قال: صدقت.
قال: فأخبرني عن الإحسان.
قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
قال: فأخبرني عن الساعة.
قال: ما المسؤل عنها بأعلم من السائل.
قال: فاخبرني عن أماراتها.
قال: أن تلد الأمة ربتها, وأن ترى الناس الحفاة العراة والعالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان.
قال: -عمر-ثم انطلق-الرجل- فلبثت ملياً, ثم قال لي النبي  : يا عمر أتدري من السائل قلت: الله ورسوله أعلم, قال: إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم"
وفي الحديث تصريح بأن مجيء جبريل عليه السلام هو حوار مع الرسول  فيما سأله عنه, إنما هو لغاية تعليمية كريمة.

Post a Comment

Previous Post Next Post