حاجة الناس إلى الرسالة السماوية:
وتتلخص تلك الحاجة في النقاط التالية:
أ- تحقيق عبادة الله تعالى وحده، وإخلاص العمل له : كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 65). فبدون شمس الرسالة السماوية، وبدون نور الوحي الذي يأتي به الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- لا يعبد الناس ربهم عبادةً صحيحة، فكان مما يبين حاجة الناس إلى الرسالة السماوية هو كونهم يعبدون الله -سبحانه وتعالى- حق عبادته، ويخلصون له العبادات جميعها عكس الأمم التي لم يأتِها نذير، ولم تستضئ بنور الوحي؛ فإنها تعيش في جهالات وتصوُّرات بعيدة عن الحق المطلوب، فيتفشَّى الشرك، وتظهر البدع، ويبعد الناس عن دين الله سبحانه وتعالى.

ب- إقامة الحجة على الخلائق: قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} (طه: 134). وقال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (النساء: من الآية: 165). كذلك قضى الله -وهو أحكم الحاكمين- أن لا يعذب أمةً لم تشرق عليها شمس الرسالة، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء: من الآية: 15).

ج- تعريف الناس بالعالم الغيبي وما أعده الله للمؤمنين به من جنانه، وللكافرين به من نيرانه: تظل العقول والأفهام في درك القصور عن استطلاع ما وراء هذا الكون المادي المحسوس من عالم الغيب- حتى تأتيها رسالة الله، تدعوها للإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وترسيخ عقيدة القضاء والقدر، والإيمان بحقيقة الجنة والنار، والوقوف بين يدي العزيز الجبار؛ لتُناقَش على ما اكتسبت من خير أو شر.

د- توجيه الناس وإرشادهم لما فيه الخير والصلاح لهم في دينهم ودنياهم: لأن البشر مهما أوتوا من الفهم والعقل والذكاء لا يتأتى لعقولهم أن تستقلَ بالتنظيم العام المصلح للأمة بأكملها، كأمةٍ متماسكة متكافئة، وإنما الشريعة الإلهية بما اشتملت عليه من معاملاتٍ وأخلاق وعقوبات تستطيع أن تبيِّن للناس الحق من الباطل والخير من الشر.

Post a Comment

Previous Post Next Post