آليات وميكانزمات التنمية الجهوية
لا شك أن نقل الجماعات المحلية من مجرد أداء الخدمات الإدارية إلى المتدخل الاقتصادي والمنشط الفعلي لتنمية ويعد تعبيرا عن تصور جديد لتنمية أجبر الدولة على اتخاذ مقاربة جديدة لشكل وحجم تدخلها الاقتصادي مع تفاقم أزمتها الهيكلية وذلك بتجريدها من كافة الأعباء ذات الطابع المحلي وإسناد مسؤولية تدبير المصالح العمومية وتنشيط التنمية من خلال الوحدات الترابية.
إن توفر لهذه الهيئات على موارد مالية قارة ووافرة وخاصة منها الذاتية إلى جانب توفرها على إرادة مستقلة قادرة على النهوض بالوظائف والاختصاص التنموية إنما يعكس درجة الحكم المحلي وكذا قدرة لهذه الوحدات على التخطيط والتدبير بشكل متطور وناضج.
مبحث الأول: دعم الإمكانيات المالية والبشرية للجهة.
إن الجهة وما تتوفر عليه من موارد مالية وبشرية لم تستطع تلبية المتطلبات والحاجيات الضرورية لساكنة المحلية وبالرغم من أن الإطار القانوني للجهة قد حدد لها مجموع الموارد المالية والبشرية إلا أنها لا تفي بالغرض المتوفى وهو تحقيق التنمية في كافة المستويات. فدعم لا مركزية الجهة كإطار فاعل لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية يتطلب تقوية البنية المالية للجهة (مطلب I) والرفع من مستوى العنصر البشري (المطلب II).
المطلب الأول: تقوية البنية المالية للجهة.
إذا كانت حاليا الجهة مطالبة بتحمل مسؤولية أكبر في تنظيم وتدبير السياسات العمومية أمام جميع التراجع التدريجي لدولة بسبب الثغرات التي تشوب قانون96-47 في جوانبه المالية. بحيث لا بد من الاعتماد على إصلاحات تذهب في اتجاه التدبير الأفضل للموارد المالية الجهوية.
فالفوارق الجهوية بين مختلف مناطق البلاد جعلت من تدخل الدولة مسألة ضرورية لإعادة التوازن من خلال إحداث تجهيزات اقتصادية وإقامة برامج وأدوات مؤسساتية.
-    إن الفوارق الكبيرة المتعلقة بالمساحة والسكان والاختلال في الأسس الضريبية واللاتناسب بين التحويل للاختصاصات والموارد تستلزم البحث عن التخفيض من حدة الفوارق فمن الصعب جدا تصور إمكانية تصحيح التفاوت دون إحداث آليات توازنية مالية تعيد التوزيع بين الدولة والجماعات المحلية فكلي تستطيع الجهات القيام بالدور المنوط بها في السياسة التنموية باتمن الضروري اعتماد صيغ توزيع مالية جديدة لدعم التوازن والتضامن الجهوي والمحلي (أولا) ومن خلال رقابة مالية أكثر ديناميكية. ([1])
إعادة التوزيع المالي لدعم التوازن المحلي والجهوي.
تثير المالية المحلية في المغرب على غرار العديد من التجارب المقارنة مجموعة من الإشكاليات وإذ كان المغرب قد حاول من جهته عن طريق نظامه القانوني كفالة الاستقلال المالي للهيئات المحلية خصوصا في ظل توسع الاختصاصات والمهام وضخامة المسؤوليات الموكولة للجماعات فإن الواقع العملي لازال يؤشر على خصاص مالي ونبيوي كبير تعاني منه هذه الوحدات الترابية الأمر الذي يجعل منها مجالس منتخبة فارغة المضمون ذلك أن توسيع اختصاصاتها القانونية لم توازيه إصلاحات مالية هامة تغطي لهذه الاختصاصات وتسعفها في النهوض بوظائفها التنموية الجديدة وكثرة الأعباء والمسؤوليات الملقاة على عاتقها والتي تبدو في الواقع العملي أكبر بكثير من حجمها تحت وطأة شح الموارد المالية ومحدوديتها.
إن من بين الإكراهات التنظيم الجهوي الحالي هو أزمة التمويل بشقيه الذاتي والخارجي ولتجاوز هذه الظاهرة لا بد من معالجة كل عوارضها وفي هذا الصدد نقترح مجموعة من الإجراءات:
! العمل على تمكين الجهة من التحكم في مواردها المالية وخاصة الذاتية نظر لأهمية البالغة لهذه المسألة إذ أريد للجهة أن تساهم عبر البرمجة والتخطيط العقلاني في النهوض بالتنمية الجهوية والوطنية وأن تكون قادرة على تحقيق المشاريع والعمليات والأشغال المسطرة لتلبية الحاجيات الأساسية لسكان وخاصة الأولويات منها.
وفعلا عندما نرى شح الموارد المالية الممنوحة لدى الجهات ومنحها مجموعة من الأهداف التي تتطلب مبالغ مالية كبرى على ما هو مرصود لها فما قيمة أي استراتيجية أو مخطط طموح وضع لفترة زمنية محددة (أي 5 سنوات) بدون وسائل مالية دقيقية؟؟
إن دعم الموارد الذاتية للجهات يضمن لها نوعا من الاستقلال المالي الكفيل بالتجاوب مع الاختصاصات التنموية التي خصها بها قانون96-47 وفي هذا الإطار يجب إقرار سلطة جبائية للجهات بشكل يلائم متطلبات العمل أو الاختصاص الجهوي ومستلزمات تنمية الجهات كما يمكن تدعيمها من عائدات الأرباح على المؤسسات العمومية والشبه عمومية أي ما يعرف بمؤسسات النمو النوظمة: كالمكتب الوطني للكهرباء واتصالات المغرب واللائحة طويلة.
وسيرا على هذا المنوال اقترحت اللجنة الاستشارية للجهوية المتقدمة ودون الزيادة المفرطة في الضغط الجبائي الوطني إمكانية فرض رسوم جديدة تتناسب مع خصوصيات كل جهة على مستعملي التجهيزات الأساسية الكبيرةومنها على سبيل الإشارة المطارات والمحطات السككية الكبرى.([2])
!كما يجب في هذا الإطار بمحاربة بعض الظواهر التي تشكل عائقا كبير حول مالية الجهات وهي:
-    مشكل الباقي استخلاصه والذي يحرم أموال مهمة على خزنية الدولة والجماعات المحلية بما فيها«الجهات».
-    محاربة الغش والتملص الضريبي الذي تشيد الجماعات المحلية.
-    سوء التوزيع السيء لعادات المداخيل التي تخصصها الدولة لفائدة الجهات مما يكرس تبعية الجهات مالية لدولة وعدم تخفيض حدة سلطة الوصاية على الجهات والتي تفرضها عليها وزارة المالية.
-    نشر ثقافة ضريبية لساكنة المحلية لتشجيع الجهات على الرفع منميزانها واستثمارها لهذه الأموال في تدبير الشأن العام ولما يليق به.
-    توفير عدالة جبائية.
-    تحقيق دور جبائي إعلامي نزيه يعطينا إحصائيات صريحة وشفافة.
فالتحدي الجهوي الذي يتطلع المغرب إلى بلورته يستوجب الزيادة في الموارد المرصودة للمجالس الجهوية من قبل الدولة بشكل ملموس حتى تتمكن الجهات من إنجاز أعمال هامة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئة كما يتعين الرفع من حصة عائدات الضرائب والرسوم المرصودة حاليا من طرف الدولة للمجالس الجهوية خصوصا بما يلي:([3])
(1)الرفع من الحصة المرصودة لها من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل من 1% إلى 5%.
(2) الاقتسام المتساوي بين الدولة والمجالس الجهوية لعائدات رسوم التسجيل والضريبة النسوية الخاصة على العربات.
(3)تخويل الجهات أهلية الاستفادة من عائدات الضريبة على القيمة المضافة على أن يصرف نصيبها في ذلك الاستثمار.
يجب أيضا الحد من تعقيدات المشاكل التي ترتبط بالكروض ومساطرها وتحول دون استفادة الجماعات المحلية من هذه التمويلات لتغطية استثماراتها وذلك تجاوبا معتوصياتالمناضرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية والتي أوصت بما يلي:([4])
(1) تبسيط الإجراءات المسطرية المتعلقة بطلب القروض من صندوق التجهيز الجماعي والإفراج عن الأموال في حينها والتخفيف من سعر الفائدة ومراجعة سقف المديونية.
(2) إتاحة إمكانية انفتاح الجماعات المحلية على السوق المالي حتى تتمكن من الاستفادة من قروض المؤسسات البنكية الوطنية والدولية.
(3) دعم موارد صندوق التجهيز الجماعي قصد تمكينه من تخفيض نسبة الفائدة المطبقة على القروض التي يمنحها.
(4) اعتماد أسلوب الشراكة ما بين الجماعات والقطاعيين العام والخاص والمؤسسات البنكية.
(5)اعتماد نظام خاص لدفع التجهيزات ذات الطابع محلي يستند على جميع الإمدادات والقروض.
إن ضرورات التوازن الجهوي والتنمية الجهوية تستوجب تدعيم الموارد المالية للجهة بالقدر الذي يمكنها من القيام بالمنجزات والاستثمار الهادفة والمنتجة لأن النجاح لدى هذه التجربة الجهوية يتوقف على هذه الإمكانيات اللازمة ولعل تبني توزيع جيد وحكيم للموارد المالية بين الدولة والجهات وبين الجهة وباقي الجماعات المحلية الأخرى يسمح قطعا بتطوير الممارسة الجهوية.
إن البحث عن مصادر جديدة لتمويل الجهوية بالمغرب تتطلب إعادة النظر أولا في اختصاصات مختلف مستويات الإدارة المحلية وبتالي إعادة النظر في قواعد توزيع الموارد المالية بين الدولة من جهة والجهات والجماعات والأقاليم من جهة ثانية.
وعلى سبيل المقارنة بين حجم الإعانات التي تعين بها الجمهورية الفرنسية جهاتها وبين المساعدة التي تقدمها الدولة المغربية إلى الجهات فإننا نلاحظ فعلا على وجود لفرق شاسع لا حول له ولا قوة إذ تعتمد إعانات السلطة المركزية بفرنسا والتي تصل إلى حوالي 50% ومن ذلك فإن لجؤ الهيئات المحلية للمساعدات السلطة المركزية يكون لأجل تحقيق مشاريع اقتصادية واجتماعية خلافا لوضعية الجماعات المحلية بالدول النامية ففي المغرب مثلا أغلب الجماعات تلجأ لإمدادات الدولة من أجل تسديد نفقات التسيير.([5])
أما فيما يخص إلى مسألة إعادة الهيكلة للنظام المالي وتصحيح الموارد العمومية بين الدولة والأشخاص العمومية الأخرى أو بين الجماعات المحلية فيما بينها إما بصورة عمودية عبر مختلف مخصصات الدولة المحولة للجماعات القاعدية أو أفقية بين أشخاص عموميين من نفس الدرجة.

عموديا
أفقيا
وذلك عبر مختلف مخصصات الدولة المحولة للجماعات القاعدية وقد جعل المشرع المغربي من الجهة تساهم في إعادة التوزيع المالي من خلال الضرائب التي تشترك في اقتسام مدخولها وهي الضريبة العامة على الدخل وضريبة على الشركات وعلى العربات ذات المحركات.
يتم بين الأشخاص عموميين من نفس الدرجة فتصحيح اللاتوازن بين الجماعات الفنية والفقيرة أو الأقل حظا يتطلب إقامة سياسة للتضامن الفعال بين فاعلين آخرين للامركزية على المستوى تحت جهوي.
وحسب الاقتراح اللجنة الاستشارية للجهة سيتم الرفع من الحصة المرصودة لضريبة على الشركات والضريبةعلى الدخل من 1% إلى 5%مما سيزيد من تقوية الموارد الذاتية لدى الجهات.
إن التجارب المقارنة في شأن إعادة التوزيع المالي أثبتت نجاعتها في تكريس التوازن والتضامن جهويا ومحليا والتي يمكن الاقتداء بها إلا أن التدابير المالية يجب أن ترتكز على رقابة مالية ملائمة تمكنها من تحقيق الأهداف المتوخاة منها.
ب- رقابة مالية أكثر ملائمة
إن الأهمية والفائدة التي تحضى بها الرقابة في حماية المال العام من كل التصرفات الغير قانونية إذ جعلت مختلف البلدان تضمنها كعنصر ملازم للامركزية ولتنظيم الصلة بين السلطة المركزية والسلطات اللامركزية وذلك تحقيقا لحسن إدارة الوحدات الجهوية وحفاظا على وحدة الدولة إلا أن لهذا لا يفي ضرورة التمسك بالاتجاه التقليدي في تطبيق الرقابة لأن التطبيق الجامد قد يعمل على المس بالشروط الأساسية للامركزية المتمثلة في دعم فعلي للشخصية المعنوية والاستقلال المالي للوحدات الجهوية. ([6])
إن منح الهيئات المحلية سلطة جبائية حقيقية لفرض رسوم محلية وكذا منح الإعفاءات حسب ما يتوافق ومتطلبات التنمية أي التأسيس لسلطة مالية جهوية على مواردها بدل تحكم سلطة الوصاية في القرارات الجهوية المالية وكذا تعدد الأجهزة المتدخلة سواء التابعة لوزارة الداخلية أو المالية وكل هذا جعل من تقرير اللجنة الاستشارية الجهوية المتقدمة يدعو إلى إعادة النظر في المفهوم التقدليدي (للوصاية) حيث أكد على حصر المراقبة القبلية في حدود ما تنصى عليه القوانين والأنظمة وكذا المراقبة على الالتزامات بالنفقات أو أدائها من طرف الجماعات الترابية وتأكيد على تقرير المراقبة في حدود ما تنص عليه القوانين والأنظمة وكذلك المراقبة على الالتزامات بالنفقات أو أدائها من طرف الجماعات الترابية وتأكيد على تقرير المراقبة البعدية على حسابات الجماعات الترابية بما فيها الجهات وتدبيرها. إضافة إلى تقرير المراقبة القضائية وعلى الخصوص من طرف المجالس الجهوية للحسابات.
ولتفادي طرق صرف الأموال المخصصة لحاجيات الجهة التي تصطدم بطول الإجراءات المالية والإدارية التي يمارسها الولادة فإن ثم منح رؤساء المجلس الجهوية صفة الآمر بالصرف للمداخيل والنفقات بتسيير المجلس الجهوي.([7])
وإذا كانت التدابير والإصلاحات التي سيتم اعتمادها والتي اقتصرنا فيها على مثالين بتمحور أن حول إعادة التوزيع المالي لدعم التوازن الجهوي واعتماد رقابة مالية أكثر فعالية وديناميكية كمحرك أساسي لتنمية الجهوية فإن الأداء التنموي يتدعم أكثر بتوفير وسائل بشرية في مستوى التحدي وطرق تدبير متطورة.
المطلب الثاني: تأهيل البنية الإدارية للجهة:
لقد ورث المغرب وضعية يمكن القول عليها على أنها مهمشة بالنسبة للإمكان البشري ولقد قامت السلطات المغربية منذ الاستقلال على وجه السرعة بإطلاق سيرورة بعيدة المدى لتأهيل الإمكان البشري بحيث ما تزال ديناميتها سارية إلى اليوم وتتمثل لهذه الأخيرة والتي ثم تفعيلها تحت مسمياتها مختلفة (تنيمة الموارد البشرية، تنمية رأسمال القدرة البشرية) في النهوض بالإمكان البشري الوطني والرفع من إسهامه والارتقاء به إلى مراتب الازدهار والرقي.
ونظر لهذه الأهمية التي يكتسيها العنصر البشري أو الرأسمال الغير المادي والذي تطرق إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجموعة من خطابات وذلك من أجل تمثيل الموارد البشرية والاستثمار في الطاقات والمهارات المبدعة والخلاقة إذ يشكل العنصر البشري ركيزة أساسية في مسلسل تحديث المؤسساتي والتنمية.
إن دراستنا لهذه النقطة ستتم عبر الوقوف على الجوانب الأساسية المرتبطة بالإدارة المحلية وتفعيلها لتحقيق التنمية وخاصة الجانب المتعلق بتطوير وتأهيل الكفاءات (أولا) لنناقش بعد ذلك أهمية وضرورة إدماج الموارد البشرية في السياسات الاقتصادية والاجتماعية وتأهيله بهدف خدمة التنمية الجهوية وبتالي يعزز هذا القيم الديمقراطي المحلية والمشاركة (ثانيا).
أ‌- الإدارة الجهوية آلية لتفعيل التنمية الجهوية:
إن تبني سياسة جهوية يستهدف بالدرجة الأولى تفعيل عملية التنمية في ظل تحويل مجموعة من الاختصاصات ذات الصلة المباشرة بالمجال الاجتماعي فالإمكانيات التي تتوفر عليها الجهة تلعب دورا مهما في تدعيم البنايات الإدارية إلا أن لهذه الإمكانيات فهي بحاجة إلى الدعم الضروري والتأطير الفعال والتكوين الملائم حتى تخضع بالمهام التنوية التي عبرت عنها أدبيات المبادرة الوطنية لتنمية البشرية واتخذتها الجهوية من بين شعاراتها.([8])
ومن الواضح أن المؤسسة الجهوية لا يمكنها أن تحقق أي شيء بذكر في غياب وسائل بشرية تستطيع تصور المشاريع التنموية وتدقيقها.
ومن أجل الكفاءات والكفايات البشرية الضرورية يجب إقرار مدونة تستجيب لتمكين الجهة والجماعات المحلية الأخرى من أطر إدارية وتقنية كفأة كما يجب وضع برنامج لتكوين وتحفيز المنتخبين والموظفين الجهويين لإعانتهم على تجاوز المعيقات التي تواجههم.
1- وضع مدونة لتقنين العنصر البشري:
رغم الأهمية التي تحتلها الإدارة المحلية الذاتية الخاصة بالجهة فإن معظم الجهات لا تتوفر على هياكل إدارية خاصة بها كما أن القانون الجهوي اقتصر فقط على الإشارة إلى الكاتب العام والمكلفين بمهمة وأيضا المكلفين بالدراسات فعدم إصدار نصوص تنظيمية المكملة لقانون الجهة وفي هذا المجال بعد أحد السلبيات هذا القانون التي لا تشجع المجلس الجهوي على القيام باختصاصاته على الوجه الأكمل.([9])
كما يعاني المستوى الجهوي أيضا من وجود تقصير في التشريع المرتبط بضرورة انتخاب المستشار الجهوي سواء وهو يمارس المهمة التداولية أو التسييرية الأمر الذي يؤثر سلبا على مردودية العمل الجهوي ويعيق المجالس الجهوية في الاستجابة إلى الحاجيات لدى الساكنة.
ويتجلى القصور التشريعي المرتبط بالمنتخب الجهوي في مسألتين وهما:
-    مسألة التعويضات: كأن القانون غامض بعض الشيء في تحديدها إذلم يعممها على جميع أعضاء المجلس وقد يكون هذا الدافع الأساسي وراء ارتفاع عدد التغيبات خصوصا في أعمال اللجان التي تشكل العمود الفقري للعمل الجهوي.
-    على مستوى التفرع لشؤون الجهوية: إذ أفرز القانون وضعية غير متوازنة في هذا الصدد جعلت الممارسة المحلية تقوم على أساس جمع المنتخب بين عدة انتدابات ومأموريات ومهمات تنقل كاهلة بالمسؤوليات دون أن تكون له القدرة على الاضطلاع بها.
-    تطوير وتأهيل المواد البشرية الجهوية:
إذا كانت الموارد البشرية بمثابة قاعدة أساسية لبلورة اللامركزية بمستوياتها الجماعية والإقليمية والجهوية وذلك لكون أن العنصر البشري أحد الإجراءات المواكبة لتغييرات والتحولات التي يعرفها مسار اللامركزية في ظل محيط متغير باستمرار فتنمية الإمكانيات البشرية للجهة والنهوض بها يتم من خلال آليتي التكوين والتحفيز باعتبارها أدوات ناجعة في ديناميكية الموارد البشرية الجهوية وجعلها في مستوى الوظائف الاقتصادية والاجتماعية للجهة.([10])

-    التكوين أداة لتأهيل الموارد البشرية:
يعد الدفع من القدرات الموارد البشرية وتأهيلها أحد العوامل الأساسية التي تكون السياسات الداعمة والهادفة لتنمية المحلية والتحديث. إذ لا يمكن تصور عناصر بشرية فعالة في الهيكل الجهوي إلا إذا كانت تتوفر على كفاءة واستعداد نفسي وعملي للإضطلاع بالمهام الجسيمة الملقاة على عاتقها والمتمثلة في تدبير الشؤون الجهوية بالشكل الذي جعل الجهة مؤهلة للقيام بالوظائف المطالبة بتلبيتها.
-    تحفيز الموارد البشرية:
حظي موضوع الحوافز باهتمام كبير وذلك راجع إلى كون الحوافز تعد أهم المتغيرات المستقلة الدافعة بانعكاساتها وبعلاقتها الإيجابية على الكفاءة الانتاجية والنشاط الإداري فالاهتمام بالتحفيز تعكسه الرغبة في تحسين الأداء الوظيفي ورفع الكفاية الانتاجية بما يكفل تحقيق أهداف المنظمة.
-    الحوافز المعنوية:
هي تلك التي تهدف إلى إشباع حاجات الموظف بإثبات ذاته وتحقيق أهدافه وطموحاته الشخصية وضمان احترامه والاعتراف بجهده وضمان له الوكاية الكاملة التي يحتاج إليها.
-    الحوافز المادية:
هي تلك التي تشبع حاجات الموظف الفيسولوجية أو العضوية وتشمل: الأجر وضمان استقرار العمل وظروف وإمكانيات العمل المادية.([11])
تعزيز المؤسسات الفاعلة على المستوى الجهوي:
لقد أصبحت الجهة بالمغرب خيارا استراتيجية يحظى بدعم الجميع ويساهم إلى جميع الجماعات المحلية الأخرى وباقي الفاعلين في تنشيط الإقلاع الاقتصادي وتحقيق التنمية المستديمة وعليه فإن رهانات المستقبل الجهوي تفرض أن لا يشتغل الجهة بمعزل عن الفاعلين الآخرين وإنما عليها مبدئيا أن تستفيد من إمكانياتهم ومؤهلاتهم بحث أن الجهة لا يمكن أن تنجح في سياستها التنموية إلا إذا شكلت نسقا مفتوحا متفاعلا مع المحيط الخارجي خاصة مع المؤسسات الفاعلة في الحقل التعليمي والحقل المدني.



[1] نعمة العلمي "التطور الجهوي للمغرب: النص القانوني ومتطلبات الإصلاح"ص 158.
[2] عن تقرير اللجنة الاستشارية الجهوية المتقدمة مرجع سابق.
[3]المرجع نفسه.
[4] أبا حازم الطالب اخيار "تدبير مالية الجهة بالمغرب- جهة كلميم – السمارة. نموذجا ص113.
[5] رشيد السعيد "مدى مساهمة اللاتمركز الإداري واللامركزية في دعم الجهوية" مرجعسابقص247.
[6] الشريف الغيوبي "الأسس والمقومات المالية للتنمية الجهوية" ص301.
[7] تقرير عن اللجنة الاستشارية الجهوية المتقدمة.
[8] سارة الخمال "آفاق الجهة بالمغرب مرجع سابق ص 152.
[9] مصطفى بلقزبور "الجهة والدولة ومسألة توزيع الاختصاصات (على ضوء قانون 69/47) ص131.
[10]باحازم الطالب أخبار "تدبير مالية الجهة بالمغرب" جهة كلميم- السمارة نموذجا ص115.
[11]محمد باهي تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الأولى2002ص133.

Post a Comment

Previous Post Next Post